شبكة أطلس سبورت

مستقبل التحالف الغربي - شبكة أطلس سبورت

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مستقبل التحالف الغربي - شبكة أطلس سبورت, اليوم الاثنين 17 مارس 2025 06:28 صباحاً

شبكة أطلس سبورت - يسير تفكّك التحالف الغربي التقليدي، الذي تشكّل بعد الحرب العالمية الثانية بقطبيه، الأوروبي والأميركي، حول سردية ليبرالية جوهرها الفرد والحريات والرأسمالية، بموازاة تشكّل تحالف غربي من نوع جديد، جوهره المحافظة الاجتماعية، والصراعات الثقافية والإقطاع التكنولوجي.

 

ويظهر ذلك جلياً في التقارب بين اليمين المتطرف في أوروبا وأميركا، الذي بدأ منذ سنواتٍ بشكل خجول، ثم صار واضحاً وقوياً أكثر من أي وقتٍ مضى. وكثيراً ما أعرب قادة اليمين المتطرف الأوروبي عن إعجابهم بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وخطابه، منسجمين مع أجنداتهم القومية والشعبوية. فقد  أشاد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بترامب واصفاً إياه بأنه "من أكثر الرجال احتراماً"، ما يعكس تقارباً أيديولوجياً عميقاً. وبالمثل، أعلن قادة مثل الإيطالي ماتيو سالفيني والهولندي خيرت فيلدرز دعمهم العلني لترامب، متفقين معه في مواقفه بشأن الهجرة والسيادة الوطنية.
كانت أوروبا والولايات المتحدة منذ سبعة عقودٍ  تعتبران حليفين قويين للقيم الغربية، إذ تعملان معاً للدفاع عن ما يسمى بنظام قيم "الحرية والديموقراطية". ومع ذلك، في مؤتمر ميونيخ الحادي والستين للأمن، صرّح نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس بصراحة غير مسبوقة، بأن أوروبا تنحرف تدريجياً عن القيم الغربية المشتركة. وكانت كلماته اللاذعة والمحددة بمثابة مطرقة ثقيلة حطمت الانسجام الظاهري للقيم الغربية، وكشفت عن الاختلافات القيمية التي طال أمدها بين الولايات المتحدة وأوروبا. اتهم فانس رومانيا بإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية للمرشح اليميني المتطرف على أساس "التدخل الأجنبي". وأشار بوضوح إلى أن هذا السلوك هو في الأساس مظهر من مظاهر "خوف الناخبين" و"استبعاد الآراء السياسية المختلفة" من قبل جماعات المصالح الخاصة.

 لفترة طويلة، كان هناك "جدار حماية" سياسي في السياسة الأوروبية: من أجل الحفاظ على النظام السياسي التقليدي، اتحدت الأحزاب السياسية السائدة في مختلف البلدان لمنع قوى اليمين المتطرف من دخول دائرة صنع القرار الأساسية. لكن عودة دونالد ترامب أعطت دفعة معنوية لقوى اليمين المتطرف في أوروبا. ذلك أن نمو القوى اليمينية المتطرفة في أوروبا يتناسب مع النوايا الاستراتيجية للولايات المتحدة في كثير من النواحي. وعلى المستوى السياسي، فإن بعض السياسات التي تدعو إليها القوى اليمينية المتطرفة تتوافق مع مطالب جماعات المصالح الأميركية، وهو ما سيساعد الولايات المتحدة على تعزيز تنفيذ السياسات التي تتوافق مع مصالحها في أوروبا. وعلى صعيد الرأي العام، نجحت القوى اليمينية المتطرفة، بالاعتماد على استراتيجياتها الدعائية الشعبوية، في خلق مساحات نقاش في مجال الرأي العام الأوروبي وتوجيه المشاعر العامة، وبالتالي خلق بيئة رأي عام مواتية للولايات المتحدة واكتساب المزيد من الهيمنة في العلاقات عبر الأطلسي. 

 


وفي محاولة لتعزيز هذه العلاقات، شكّلت أحزاب يمينية متطرفة أوروبية مجموعة "وطنيون من أجل أوروبا"، بهدف التعاون بشكل أوثق مع إدارة ترامب. تُبرز هذه المبادرة رغبتها في التأثير على السياسة الخارجية الأميركية وكسب الدعم لأجنداتها المحلية. ومن المتوقع أن يعزز نفوذ ترامب جرأة اليمين المتطرف في أوروبا، ما سيساهم في تطبيع بعض الأفكار القومية والمناهضة للمؤسسة. وفي دول مثل النمسا وألمانيا وفرنسا، اكتسبت أحزاب اليمين المتطرف زخماً، وكثيراً ما رددت خطاب ترامب بشأن الهجرة والهوية الوطنية. وهو ما يطرح مخاوف حيال مستقبل الوحدة الأوروبية والتحول المحتمل نحو سياسات أكثر محافظة. ورغم التشابه الأيديولوجي، تنشأ تعقيداتٌ نتيجةً لتباين المصالح الوطنية، إذ تُشكّل سياسات ترامب التجارية "أميركا أولاً" تحدياتٍ للاقتصادات الأوروبية، وبخاصةً لتلك التي تربطها علاقات تجارية وثيقة بالولايات المتحدة. ومع استمرار تطور المشهدين السياسيين الأميركي والأوروبي، يظل مستقبل هذه العلاقة موضوعاً للمراقبة، ذلك أنها يمكن أن تكون الشكل الذي سيستقر عليه التحالف الغربي.

أخبار متعلقة :