شبكة أطلس سبورت - في بلد تمزقه الحرب وتثقل كاهله الأزمات الاقتصادية والغذائية، اجتاحت الملاريا السودان في موجة غير مسبوقة، حاصدة أرواح المدنيين في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية.

وبحسب وسائل إعلام فإن أم درمان، المدينة التي لطالما اعتادت مقاومة المحن، تجد نفسها اليوم في مواجهة عدو جديد أكثر شراسةً من أي وقتٍ مضى.

المستشفيات تغص بالمصابين، والأحياء تغرق في أسراب البعوض، فيما لا تلوح أي بوادر لحلولٍ جذرية تنهي هذا الكابوس الذي يخيّم على البلاد.

مدينة تحترق بالحمى

في شوارع أم درمان، كما في مدنٍ أخرى، يتحول الليل إلى معركة يومية بين السكان والبعوض الذي ينهش أجساد المنهكين من أهوال الحرب والجوع والتشريد.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن أحد السكان قوله ” إن الليل لم يعد وقتا للراحة، بل أصبح ساحة حربٍ مفتوحة ضد أسراب البعوض التي تهاجم بلا هوادة. الأطفال يحترقون بالحمى، المنازل تضج بالأنين، والمستشفيات لم تعد قادرة على استيعاب المزيد من المرضى، بينما تغيب السلطات المختصة تمامًا عن المشهد”.

كارثة وشيكة بعد تفشي الملاريا بالسودان

في ظل غياب أي إجراءات لمكافحة البعوض، تحوّلت أحياء الخرطوم ومدن السودان الأخرى إلى بيئةٍ مثالية لتكاثر الحشرات الناقلة للأمراض.

لم يكن الوضع ليصل إلى هذا الحد لولا الانهيار المتسارع في الخدمات الأساسية، فالمياه الراكدة تغمر الشوارع، والنفايات تتكدّس في الأحياء، ما جعل البعوض يجد ملاذًا مثاليًا لينتشر ويضاعف معاناة السكان.

الأرقام الواردة من الجهات الطبية تنذر بكارثة وشيكة، إذ تم تسجيل أكثر من 1450 إصابة بالملاريا الخبيثة خلال أيامٍ معدودة، مع توقعات بارتفاع هذا الرقم إلى مستويات غير مسبوقة في ظل غياب التدخلات اللازمة.

انهيار صحي وتفش غير مسبوق لـ الملاريا بالسودان

في المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل رغم الحرب، يصطفّ المرضى في طوابير طويلة طلبًا للعلاج، لكن الأدوية شحيحة، والأسرّة ممتلئة، والطواقم الطبية تعمل بأقل الإمكانيات في ظروفٍ أشبه بالمستحيلة.

يقول الأطباء إن الملاريا لم تعد تقتصر على نوعٍ واحد، بل باتت جميع أنواعها منتشرة في البلاد، ما فاقم من خطورة الوضع. الملاريا الخبيثة، وهي الأكثر فتكًا، أصبحت تفتك بالمرضى بسرعة، وتتسبب في مضاعفاتٍ خطيرة قد تصل إلى الغيبوبة أو الوفاة إذا لم يتم التدخل العاجل.

بيئة خصبة للمرض

وبحسب مصادر طبية فإن السبب الرئيسي لهذا التفشي الكارثي هو التدهور البيئي الحاد، حيث أصبحت الأحياء غارقة في الإهمال، وتكدّست النفايات بشكلٍ غير مسبوق، ما أدى إلى تكاثر الحشرات الناقلة للأمراض.

وتشير إلى أن عدم تصريف المياه الراكدة، إلى جانب انتشار الجثث المتحللة في بعض المناطق نتيجة الحرب، ساهم في خلق بيئة خصبة لتوالد البعوض وزيادة رقعة تفشي المرض.

وتوضح أن الوضع يزداد سوءا مع انعدام حملات الرش وانقطاع الخدمات الصحية، مما جعل السكان يلجؤون إلى تخزين المياه في أوعية مكشوفة بسبب الانقطاع المستمر للمياه والكهرباء، وهو ما وفر بيئة مثالية لتكاثر البعوض وزيادة أعداد المصابين.

هل هناك حلول في الأفق؟

في مواجهة هذه الكارثة، يرى الأطباء وخبراء الصحة أن الحلول متاحة لكنها تتطلب تدخلًا فوريًا. تنظيف الأحياء وردم المستنقعات وتغطية المياه المخزنة وإعادة إطلاق حملات الرش الدورية، كلها إجراءات ضرورية لكبح انتشار الملاريا. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن تنفيذ هذه التدابير في بلد تنهشه الحرب ويعيش أسوأ أزماته الاقتصادية والسياسية؟

ووفق تقارير يبدو أن السودان بات بلا مناعة أمام الأوبئة كما هو بلا مناعة أمام الحروب. سكان المدن المنكوبة يجدون أنفسهم في مواجهةٍ قاسية مع المرض دون أن تلوح أي بوادر للنجاة.

اقرأ أيضا: من يخلف رياض سلامة؟.. 5 شخصيات تتنافس على منصب حاكم مصرف لبنان

نسخ الرابط تم نسخ الرابط