سياسات ترامب تحت «مجهر» الاحتياطي الأمريكي - شبكة أطلس سبورت

0 تعليق ارسل طباعة

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الاثنين 17 مارس 2025 12:05 صباحاً - تترقب الأسواق اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، يومي الثلاثاء والأربعاء (18 و19 مارس الجاري) والذي من المرجح على نطاق واسع أن يُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير مرة أخرى، في ظل حالة الحذر التي يتبعها الاحتياطي الأمريكي مع حالة عدم اليقين جراء سياسات الرئيس دونالد ترامب، وحرب «الرسوم الجمركية» التي أطلقها منذ اليوم الأول لعودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير الماضي.

يأتي ذلك في الوقت الذي تخيم فيها مشاعر سلبية على الأسواق، وسط توقعات متشائمة بركود اقتصادي في الولايات المتحدة، جراء التبعات المحتملة للتعريفات الجمركية، والتي قد تدفع إلى رفع الضغوط التضخمية من جديد. وهو ما عبرت عنه «وول ستريت» من خلال التراجعات الحادة التي شهدتها أخيراً تناغماً مع قرارات وتصريحات الرئيس الأمريكي بخصوص فرض الرسوم الجمركية التي لا تستثني بما في ذلك حلفاء الولايات المتحدة وأقرب جيرانها أيضاً.

حذر الفيدرالي وترقبه لنتائج السياسات التجارية للرئيس الأمريكي، عبر عنه بوضوح رئيس الاحتياطي الأمريكي، جيروم باول، في آخر تصريحاته هذا الشهر، والذي أكد – في خطاب أمام منتدى السياسة النقدية الأمريكية - انتظار وضوح سياسات ترامب قبل اتخاذ «الخطوة التالية» بشأن أسعار الفائدة. غير أنه بعث في الوقت نفسه برسائل إيجابية بشأن «صحة الاقتصاد» الأمريكي، وبالنظر إلى أحدث بيانات الوظائف.

وفي اجتماعه الأول خلال العام الجاري، كان الاحتياطي الأمريكي قد أبقى على أسعار الفائدة عند نطاق بين 4.25 % و4.5 %، ليوقف سلسلة التخفيضات التي استمرت لثلاثة اجتماعات متتالية العام الماضي، كما من المرجح أن يواصل الحذر قبل أي خفض آخر في الاجتماعات التالية.

بحسب أداة FedWatch من مجموعة CME، فإن احتمالات الإبقاء على أسعار الفائدة كما هي دون تغيير في اجتماع الفيدرالي في وقت لاحق من هذا الأسبوع تصل إلى 98 %.

وتسعر الأسواق الآن ثلاثة تخفيضات للفائدة هذا العام بـ 25 نقطة أساس أو 0.25 % في كل اجتماع، بدءاً من اجتماع يونيو المقبل، بينما يعتقد محللون أن التخفيضات قد لا تزيد عن تخفيضين في ظل التأثيرات الأوسع نطاقاً لسياسات ترامب الجمركية، والتي قد تظهر بشكل تدريجي على الأسعار، ومن ثم ارتفاع الضغوط التضخمية.

في الوضع الطبيعي للاقتصاد، من المفترض أن تدفع البيانات الاقتصادية الأخيرة الفيدرالي الأمريكي إلى خفض الفائدة في اجتماعه هذا الأسبوع، بحسب أحمد معطي المدير التنفيذي في vi markets، الذي يشير إلى تراجع مؤشر أسعار المستهلك إلى 2.8 % في فبراير، وكذلك أيضاً مؤشر أسعار المنتجين الذي تراجع بأكثر من التوقعات إلى 3.2 % (مقارنة مع 3.7 % في يناير). كذلك مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، الذي يستثني الغذاء والطاقة، سجل أيضاً تراجعاً. لكنه يشير لدى حديثه مع «حال الخليج» إلى أن الفيدرالي - بالرغم من ذلك - سوف يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير في الاجتماع المقبل (عند نطاق بين 4.25 % و4.5 %).

نهج ترامب

ويعزى ذلك إلى النهج الاقتصادي الذي يتبناه الرئيس الأمريكي، والمتمثل في «الرسوم الجمركية»، السلاح الذي «استخدمه بطريقة سلبية تماماً، مما يؤدي إلى خلق أعداء للولايات المتحدة في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك، حيث ظهر اتجاه عقابي من تلك الدول لاستخدام السلاح نفسه».

ووفق معطي، فإن «ترامب يستخدم سلاح الرسوم الجمركية بشكل مختلف هذه المرة مقارنة بفترته الأولى في 2016، حيث كانت تلك الرسوم تستهدف الصين بشكل رئيسي وبنسب صغيرة لا تتجاوز 10 % آنذاك.. أما الآن، فإنه يفرضها حتى على الحلفاء مثل كندا والاتحاد الأوروبي، بل ويقول أن الاتحاد الأوروبي تم إنشاؤه لمعاقبة الولايات المتحدة، وهو خطاب يؤدي إلى تدهور العلاقات الاقتصادية مع الحلفاء».

ومن شأن تلك السياسات أن تؤدي إلى ارتفاع التضخم على المدى المتوسط خلال الأشهر المقبلة، رغم أن البيانات الحالية لا تعكس ذلك بعد؛ لأن معظم الرسوم الجمركية الجديدة لم تدخل حيز التنفيذ، لكنها ستبدأ بالتأثير قريباً.. والدليل على صحة هذا الطرح من وجهة نظر المدير التنفيذي في vi markets، البيانات الرسمية الصادرة عن شركات السيارات الكبرى على سبيل المثال، بما في ذلك فورد وتسلا، والذين أبلغوا الإدارة الأمريكية بأن هذه الرسوم الجمركية تضر بمبيعاتهم العالمية.

وبالتالي فمن شأن هذه الإجراءات التي يتخذها ترامب أن تؤدي إلى تباطؤ اقتصادي عالمي، وارتفاع جديد في التضخم، لكنها - بحسب معطي - لن تؤدي إلى ركود؛ لأن بيانات التوظيف والإنتاج الأمريكي لا تزال متماسكة، كما أن هناك بعض التحسن في الاقتصاد الأوروبي.

ويشار إلى أنه خلال عامي 2022 و2023، ومع تصاعد الضغوط التضخمية، لا سيما بعد الحرب في أوكرانيا وانعكاساتها المختلفة، ومع مساعي صناع السياسات النقدية حول العالم لكبح جماح التضخم، رفع الفيدرالي الأمريكي معدلات الفائدة بنحو 5 نقاط مئوية. لكنه من يوليو إلى سبتمبر 2024 أبقى أسعار الفائدة عند معدل يتراوح بين 5.25 % و5.5 %، قبل أن يبدأ بخفضها في ثلاثة اجتماعات متتالية منهياً سياسة التشديد النقدي.

في اجتماع سبتمبر 2024 خفض الفائدة 50 نقطة أساس، وفي اجتماع نوفمبر خفض الفائدة 25 نقطة أساس، وبالمعدل نفسه في آخر اجتماعات عام 2024 في ديسمبر الماضي؛ وذلك بعدما شعر المسؤولون بالارتياح مع اقتراب التضخم من المعدل المستهدف.

لا مفاجآت

من جانبه، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، لـ«حال الخليج»: إنه «من غير المتوقع أن يشهد الاجتماع المقبل أي تغييرات أو مفاجآت في السياسة النقدية، أو أن يتجه الفيدرالي إلى تعديل استراتيجيته في الوقت الحالي»، موضحاً أن «محضر الاجتماع السابق لبنك الاحتياطي الأمريكي يظهر حذراً من المسؤولين، وهو نهج أكد عليه رئيس الفيدرالي، جيروم باول، الأسبوع الماضي؛ عندما شدد على حالة الضبابية الاقتصادية وضرورة التريث في اتخاذ القرارات، خصوصاً مع متابعة تأثير سياسات التعريفات الجمركية التي يتبناها الرئيس دونالد ترامب على التضخم والنمو الاقتصادي».

ويضيف يرق: «الرسوم الجمركية وسياسات ترامب حيال قضايا الهجرة، التي يضعها الفيدرالي ضمن معاييره الاقتصادية، تمثل عوامل ضغط على التضخم».

لكن الفيدرالي ينظر بإيجابية لأداء الاقتصاد، فقد أكد باول في تصريحاته الأخيرة أن وضع الاقتصاد جيد «بفضل سوق العمل القوية» واقتراب التضخم من المعدل المستهدف (2%). وذلك في أعقاب صدور بيانات سوق العمل التي أظهرت إضافة أكبر اقتصاد في العام 151 ألف وظيفة غير زراعية في شهر فبراير الماضي.

مع ذلك، يظل شبح الركود قائماً، وفق يرق، الذي يوضح في معرض حديثه مع «حال الخليج» أن الأسواق تسعر احتمالية حدوث ركود باحتمالات تصل إلى 35 % (وهذا أعلى من احتمال 15 % تقريباً الذي توقعته شركة الاستثمارات الأمريكية Pimco في ديسمبر 2024) غير أنه في الوقت نفسه يلفت إلى أن «هذه المخاوف لن تؤدي إلى أي تغييرات فورية في السياسة النقدية، إذ يؤكد الفيدرالي في جميع تصريحاته على ضرورة التريث، لا سيما في ظل السياسات الاقتصادية لترامب».

والخوف الأساسي يظل مرتبطاً بالتضخم، وبالتالي، إذا كان هناك أي تخفيض لسعر الفائدة، فلن يحدث قبل النصف الثاني من عام 2025، بحسب رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، الذي يضيف: «حالياً، تسعّر الأسواق بين تخفيضين إلى ثلاثة في معدلات الفائدة، لكن في تقديري من المرجح أن يقتصر الأمر على تخفيض واحد أو اثنين فقط؛ إذ ستظل سياسات ترامب التجارية عاملاً أساسياً في تحديد مسار التضخم».

بينما تتجه الأنظار الآن إلى الثاني من أبريل؛ ذلك أنه من المتوقع أن يعلن ترامب عن حزمة جديدة من التعريفات الجمركية على دول أخرى، ما قد يظهر مزيداً من العلامات بشأن التداعيات المحتملة المرتقبة، وتأثيرها على قرارات السياسة النقدية.

هبه الوهالي

أعمل كقائد فريق في الخليج 24، مع إدارة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي. عملت من قبل مع حال الخليج كمديرة قسم أخبار الخليج وكاتبة ومحررة للمقالات والأخبار العالمية والعربية. أحمل شهادة البكالوريوس في الصحافة وعلم الاجتماع من جامعة بيرزيت - فلسطين. ولي خبرة طويلة في إعداد وتحرير المحتوى والمضامين وإنتاج المقالات والأخبار للعديد من المواقع الإلكترونية والإذاعات المحلية، كما لدي خبرة ومعرفة غنية في مجال العلاقات العامة والإعلام وتنسيق المشاريع وإدارتها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق