نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هذا لن يجدي يا وزارة التعليم! - أطلس سبورت, اليوم الأحد 16 مارس 2025 11:38 مساءً
وسرّني كثيراً حجم التفاعل والتعاطي مع ما جاء فيه، وتفاوت الآراء حول ما قدّمته من مقترحات لحلها، وهذا ما قصدته بتناول الموضوع، أن يخضع للنقاش، وأن تستجلى الأسباب، وتستبان مواضع الخلل لمعالجتها بحكمة وروية؛ تضمن تحقيق الأهداف المنشودة من العملية التعليمية في جو معافى وسليم ومحفّز..
سعدت بتفاعل عضو مجلس الشورى سابقاً الدكتورة لطيفة الشعلان، التي سطّرت رأيها عبر موقع التواصل الاجتماعي (X)، بما نصّه: «نحن أمام أضخم ظاهرة غياب جماعي في تاريخ التعليم بالمملكة، والسبب نظام الفصول الثلاثة والإجازات المطولة»، فوددت لو أنّ أحداً من أعضاء مجلس الشورى الحاليين تبنى هذه القضية وجعلها مدار حوار آني وعاجل، لتقديم ما يعين وزارة التعليم في المعالجة..
أصابني شعور من الإحباط والاستغراب عندما طالعت ما جاء على منصة (X) من أن [وزارة التعليم تصدر عدة إجراءات لضبط دوام المعلمين والمعلمات خلال شهر رمضان، بهدف تعزيز الانضباط ورفع مستوى الأداء في القطاع التعليمي].
وبظنّي أنّ الوزارة بهذا الاتجاه «تُقزّم» الظاهرة، وتحصر معالجتها في «عدّة إجراءات» تستهدف «ضبط دوام المعلمين والمعلمات»، وكأنها بهذا تجري «عملية» في غير موضع «الألم».
فليست المشكلة متعلّقة بدوام المعلّمين والمعلّمات وحدهم، على ما في لفظ «ضبط» من إزراء بحقهم، وتصويرهم بعدم المسؤولية، وهو ما يقلّل من «نظرة الاحترام» الواجبة لهم من قبل طلابهم والمجتمع.
فحالة الغياب في الأساس متعلّقة بالطلاب والطالبات، بما يعني بداهة موقف «الأسر» مجتمعة، وتعبيرها عن عدم قدرتها على الإيفاء بالتزام أبنائها وحضورهم إلى دور التعليم، بشكل تجاوز «المشكلة» إلى «الظاهرة»، وإزاء هذا لا يمكن أن نتوقع معه أن مجرد تطبيق «عدة إجراءات» كفيل بإعادة الأمور إلى نصابها، وضمان عودة العملية التعليمية إلى حالتها «الطبيعية»، فلفظة «إجراءات» تستبطن في طواياها «عقوبات» وفق لوائح وقوانين معدّة سلفاً، وهذا ما لا ينسجم مع حتمية التفاعل مع «الظاهرة» بوعي جديد، وتفكير خارج «المعلّبات» الإجرائية، والذهاب إلى العمق بمعرفة أسبابها ووضع الحلول المثلى لها، وهو ما ركّزت عليه في جوف مقالي السابق عبر [إخضاع هذه الظاهرة للدراسة، وإشراك الأسر والطلاب والمعلمين والمشرفين التربويين، وكل من له صلة بالمنظومة التعليمية في استجلاء الأسباب، ووضع المعالجات التي تضمن سير العملية التعليمية في شهر رمضان، وفي غيره من الشهور، بشكل سلس ومرن ومنتج ومثر للطلاب]..
إن أي «إجراءات» تأديبية أو عقابية ستفرضها الوزارة على المعلّمين والمعلّمات «ربما» تفلح في «جرّ» خطاهم نحو دور التعليم «مكرهين» ولكن لن تفلح في جعل هذا الحضور منتجاً ومفيداً، ولن نكسب حينئذٍ إلا مقاعد مملوءة بالضجر والتثاؤب، بلا رغبة أو طموح أو شغف، فالجميع في انتظار لحظة الفكاك والخلاص، وانتهاء الدوام المضجر، والحكايات المتداولة حول هذا الأمر خير دليل، وسيظل الحال هكذا طالما أن الجميع لهم رأي يخالف ما ترمي إليه الوزارة.
فقد تلقيت بعد نشر مقالي السابق العديد من الاتصالات، وسمعت الكثير من الآراء، ولم أجد من بينها رأياً واحداً يعضد موقف الوزارة، أو يدعم خطّها «المُصر» على إنفاذ روزنامتها التعليمية الموضوعة، وكأنها أمر غير قابل للمراجعة والتقييم والتعديل إلى ما هو أصلح وأنفع وأجدى، حتى نحقق الغايات المرجوّة من العملية التعليمية.
إن «الظاهرة» في مسيس الحاجة إلى الدارسة العميقة، لا إلى «عدة إجراءات» تتمحور حول الثواب والعقاب والخصم أو تقديم هدايا للطلبة المداومين.
فليس من المعقول أو المقبول أن تعاقب الوزارة جميع الطلاب، وأسرهم ومعلميهم ومعلماتهم بإجراءتها، ولا تصيخ السمع أو تتلمّس أسباب هذه الظاهرة، فسماع جميع الأطراف المعنيين بها كفيل بأن يضع حلولاً مناسبة يتواطأ عليها الجميع، وليس في هذا تقليل من سلطة وزارة التعليم، وتدخّل في شؤونها؛ بل على العكس سيزيد من رصيدها، ويؤكد أنها وزارة فاعلة ومتفاعلة مع مستجدات القضايا، ولها من المرونة والحلول البديلة ما يمكّنها من تحقيق أهدافها وإستراتيجياتها بأعلى درجات التميّز والانضباط، فإن تعذّر عليها استطلاع الآراء في كافة الإدارات التعليمية، وإشراك الأسر معها في ذلك، فلا أقل من أن تطالع ما ينشر في منصّات التواصل الاجتماعي، ففيها من المقترحات ما هو جدير بالنظر والنقاش، فلقد لمست في تفاعل القرّاء مع مقالي السابق التفافاً حول مقترح تحويل العملية التعليمية في رمضان لتصبح عن بُعد عبر منصة مدرستي، ولا شكّ عندي أن كثيرين آخرين لديهم مقترحات أخرى، ربما تكون أكثر فائدة، وأصلح للجميع، بما يعين الوزارة في المعالجة الحكيمة للظاهرة، بعيداً مفضيات «الإجراءات» التي غاية ما تنتهي إليها «عقوبات» تزيد المشهد تعقيداً.
يقول البعض لقد درسنا سابقاً في رمضان رغم قسوة الأيام وحرارة الطقس وجيل اليوم يركن إلى الراحة ويحب الدعة والخمول.. أقول لهم إن الأحوال تغيرت وانقلب الزمن، جدت علينا مستجدات لم يكن يعرفها من سبق، تغيرات في الزمان والمكان والأحوال وطرق العيش والمعاش ومغريات لا يستطيع جيل اليوم لها رداً مهما كان نوع العقوبات وشدتها.
أخبار ذات صلة
0 تعليق