نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
العدالة الاجتماعية تبدأ بالرعاية الصحية - شبكة أطلس سبورت, اليوم الاثنين 17 مارس 2025 10:31 صباحاً
شبكة أطلس سبورت - فرانسيسكا موسى
"حين يمرض الفقير، لا يثقل المرض جسده فحسب، بل تنهكه أيضاً مرارة العجز عن تحمل تكلفة العلاج، فيصبح ألمه مضاعفاً، جسدياً ونفسياً".
في لبنان، يواجه عدد كبير من المواطنين غياب الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، مما يجعلهم عرضة لمخاطر اقتصادية واجتماعية جسيمة. إن غياب هذه التغطية لا يهدد الأفراد فحسب، بل ينعكس على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للدولة ككل. لذا، أصبح من الضروري أن تتخذ الحكومة خطوات جادة وفعالة لتوسيع نطاق الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، وضمان وصول جميع المواطنين إلى الحد الأدنى من الحماية المالية والطبية، حفاظاً على كرامتهم وتعزيزاً لأسس العدالة الاجتماعية.
يشكل غياب الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية في لبنان أزمة حقيقية تهدد الأمن المعيشي والاستقرار الاجتماعي لملايين المواطنين، إذ يواجه الأفراد خطر المرض أو البطالةمن دون أي شبكة أمان تحميهم من الانهيار المالي. في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية والانكماش الحاد في الدخل الفردي، أصبحت الرعاية الصحية رفاهية لا يستطيع كثيرون تحملها، وتحولت أبسط الأمراض إلى أعباء مالية هائلة تدفع العائلات إلى الاقتراض أو حتى التخلي عن العلاج. هذا الواقع القاسي يعكس غياب سياسة اجتماعية عادلة تضمن حق المواطن في العيش بكرامة، وتحميه من السقوط في قبضة الفقر بسبب ظرف صحي طارئ أو فقدان وظيفته. إن من الضروري إعادة النظر في نظام الضمان الاجتماعي، الذي يعاني من نقص التمويل وسوء الإدارة، والعمل على توسيعه ليشمل جميع الفئات وليس فقط الموظفين في القطاعات الرسمية. فالكثير من العاملين في القطاع غير الرسمي، وهم شريحة كبيرة من المجتمع، يفتقرون إلى أي نوع من الحماية الصحية أو التأمينية، مما يجعلهم عرضة لتبعات خطيرة في حال المرض أو التقاعد. إن غياب التأمين الصحي الإلزامي لا يعكس تهاون الدولة في مسؤولياتها فحسب، بل يساهم أيضاً في زيادة معدلات الفقر والهجرة، بحيث يفقد المواطنون الأمل في الحصول على الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة داخل وطنهم. إن الحكومة تتحمل مسؤولية كبرى في تصحيح هذا المسار، وعليها أن تضع الإصلاح الاجتماعي والصحي على رأس أولوياتها. يجب أن تشمل خططها إعادة هيكلة نظام الضمان الاجتماعي ليصبح أكثر شمولًا واستدامة، وتعزيز الاستثمارات في القطاع الصحي عبر تحسين أوضاع المستشفيات الحكومية، وضمان حصول الجميع على خدمات طبية ذات جودة عالية. كما يجب أن تسعى إلى وضع تشريعات تُلزم توفير التأمين الصحي لجميع العاملين، بغض النظر عن طبيعة وظائفهم، إلى جانب مكافحة الفساد المستشري في المؤسسات الصحية، الذي يستنزف الموارد ويؤدي إلى تدني جودة الخدمات. إن غياب الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية ليس مجرد مشكلة إدارية، بل هو تهديد مباشر لكرامة الإنسان واستقراره النفسي والاجتماعي. فالدولة التي تترك مواطنيها يواجهون المرض وحدهم تتخلى عن أبسط واجباتها. إن تحقيق العدالة الاجتماعية يبدأ بضمان حق الجميع في الرعاية الصحية والحماية المالية، فالمجتمع السليم هو مجتمع يشعر فيه الأفراد بالأمان، لا بالخوف من أن يتحول المرض إلى كارثة تدمر حياتهم.
لا يمكن لأي مجتمع أن يحقق التقدم والازدهار من دون ضمان الحقوق الأساسية لمواطنيه، وأهمها الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي. بناء مجتمع عادل ومتماسك يتطلب من الحكومة تحمل مسؤولية كبيرة في إصلاح القطاع الصحي وتعزيز الحماية الاجتماعية، لتوفير حياة كريمة لجميع المواطنين. فهل يمكن لنا أن نحقق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة إذا استمررنا في تجاهل أبسط حقوق الإنسان في الرعاية الصحية والأمان المالي؟
أخبار متعلقة :