نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق ..الظرف العام لا يتحمّل زيادات أخرى في الأسعار.. - شبكة أطلس سبورت, اليوم الجمعة 10 يناير 2025 02:19 صباحاً
نشر في الشروق يوم 09 - 01 - 2025
في ظل ظرف اقتصادي عالمي نتج عنه في السنوات الاخيرة ارتفاع الأسعار وتذبذب المقدرة الشرائية للمواطن، وبعد أن أعلنت الدولة أكثر من مرّة عن دقة هذه المرحلة وعن ضرورة تحلي الجميع فيها بدعم المسار الإصلاحي في بُعديه الاقتصادي والاجتماعي، أصبح انخراط كل الأطراف اليوم في المحافظة على استقرار المقدرة الشرائية للمواطن ضرورة قصوى في بلادنا. وهي مسؤولية يتحمّلها – إلى جانب الدولة- كل الفاعلين الاقتصاديين، من منتجين وتجار ومسديي الخدمات وغيرهم في مختلف القطاعات خاصة تلك التي تهم الشأن المعيشي الحسّاس واليومي للمواطن.
وقد سبق أن دعا رئيس الدولة مختلف الأطراف المتدخلة في توفير الحاجيات المعيشية للمواطنين إلى ترشيد الأسعار وتفادي الزيادات المشطّة فيها، وتدخلت وزارة التجارة أكثر من مرة لتجميد بعض الأسعار أو لتحديد اسعارها القصوى وهوامش الربح فيها فضلا عن الحرب التي شنّتها السلطات على المضاربة والاحتكار. غير أن هذه الدعوات لم تجد أحيانا تجاوبا من البعض، حيث ما انفكت عديد الأسعار تشهد زيادات متتالية خاصة بالنسبة للمواد الخاضعة لمبدأ حرية الأسعار، على غرار المنتجات الصناعية الغذائية غير المدعمة وغير المؤطرة من الدولة وبالنسبة للخدمات المختلفة وغيرها.
في السنوات الأخيرة، زادت أسعار بعض المواد الاستهلاكية اليومية الغذائية وغير الغذائية وأسعار الخدمات بنسب مختلفة، وفق أرقام المعهد الوطني للإحصاء. وقد برر المنتجون هذه الزيادات بارتفاع تكاليف الإنتاج وارتفاع أسعار المواد الأولية في السوق العالمية خاصة بعد الحرب الروسية الاوكرانية. لكن الملاحظ هو أن اسعار اغلب المواد في السوق الدولية تراجعت وأن تكاليف الإنتاج داخليا لم ترتفع، أبرزها أسعار الطاقة والمحروقات. وهو ما يؤكد ان بعض الزيادات تتم أحيانا دون وجود مبررات او دوافع لذلك وتستفيد فقط من مبدأ حرية الأسعار. كما أن تكاليف انتاج الخدمات لم تشهد بدورها ارتفاعا كبيرا (مثلا الخدمات المالية والصحية) او الخدمات المقدمة من المهن الحرة وغيرها، وهو ما يؤكد ان الزيادات فيها تكون أحيانا غير مُبرّرة.
وقد لوحظ أيضا ان بعض الزيادات في اسعار السلع أو الخدمات تتم في إطار "توافق قطاعي" من خلال اتفاق يجمع كل المنتجين أو مسديي الخدمات في قطاع معين حول العمل بسعر موحد أو متقارب. وهي ممارسات يعاقب عليها القانون لانها تدخل ضمن المنافسة غير الشريفة ويتدخل أحيانا مجلس المنافسة لردعها ويقع ارتكابها في مجال المنتجات الغذائية المُصنّعة (مثل المصبرات والمشروبات) او من قبل بعض المضاربين في قطاع المنتجات الفلاحية (الخضر والغلال واللحوم..) أو من قبل بعض مسديي الخدمات أو أصحاب المهن الحرة المختلفة أو كذلك عن طريق بعض التجار.
لم تعد المقدرة الشرائية للمواطن تتحمل اليوم مزيدا من الزيادات في أسعار السلع والخدمات، ولا يمكن للمنظومة الاقتصادية ان تتطور إذا ما تواصل هذا المنحى التصاعدي للأسعار، وهو ما قد يتضرر منه المنتجون والتجار أنفسهم في المستقبل. فارتفاع الأسعار بشكل غير مقبول سيؤدي إلى انكماش الاستهلاك وإلى اضطرار المواطن لمقاطعة بعض الشراءات والخدمات، رغم حاجته إليها، وهو ما سينعكس سلبا على المنتج (المصنع أو الفلاح) وعلى التاجر وعلى مُقدّم الخدمات المختلفة وعلى أصحاب المهن الحرة من خلال تراجع أنشطتهم وأرباحهم .
كل ذلك يؤكد ضرورة وعي كافة المتدخلين في المنظومة الاستهلاكية بدقة هذه المرحلة والعمل على حماية القدرة الشرائية للمواطن من خلال ترشيد الأسعار وعدم تفعيل الزيادات المُشطّة -ولو بصفة مؤقتة- إلى حين تحسن الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في المرحلة القادمة بعد إتمام المسار الإصلاحي الذي شرعت الدولة في تنفيذه. فمنظومة السوق بمختلف مكوناتها (وفرة الإنتاج وترشيد الأسعار وتنظيم مسالك التوزيع) تُعدّ من أبرز مقومات الأمن القومي وآن الأوان لوضع حد لكل أشكال التجاوزات التي تحصل داخلها وفي مقدمتها الزيادات المتواصلة في الأسعار..
فاضل الطياشي
.
أخبار متعلقة :