بروحهم المفعمة بالعطاء والانتماء وحب الوطن، جسّد المتطوعون في مهرجان «شتا حتا» حضوراً استثنائياً، ليشكلوا من خلف الكواليس العمود الفقري للفعاليات والأنشطة الثرية التي تضمنها الحدث، ويعكسوا نموذجاً مشرفاً للشباب الإماراتي.
ولعب هؤلاء «الجنود المجهولون» دوراً محورياً في تنظيم المهرجان، بداية من استقبال الزوار وتوجيههم إلى المواقع المختلفة، وصولاً إلى إبراز هوية منطقة حتا بما تتميز به من طبيعة خلابة وتراث أصيل، ما ترك انطباعاً إيجابياً عميقاً لدى الزوار، وأسهم في تعزيز مكانة المهرجان كوجهة سياحية وثقافية رائدة.
المتطوع خليفة سالم عبدالله الشريف، وهو من أبناء حتا وطالب في الصف الـ12، استغل عطلة المدرسة للتطوع طوال فترة المهرجان. وعلى الرغم من بدء الفصل الدراسي الثاني، فإنه أكد استمراره في الحضور حتى اليوم الأخير من الحدث، مضيفاً لـ«الإمارات اليوم»: «التطوع غيّر نمط عطلتي، فمن قضاء الوقت في المنزل أو النزهات، أصبحت أسهم في توجيه الزوار نحو المناطق السياحية التي تتميز بطابعها الفريد وطبيعتها الخلابة».
وأوضح خليفة أنه يفضل قضاء الوقت مع كبار المواطنين في المجلس المخصص لهم عند بحيرة ليم، إذ يجد في مجالستهم فرصة ذهبية للاستماع إلى حكاياتهم التي تحمل بين طياتها عبق الماضي، وتجارب الحياة الغنية بالحكمة.
وأشار إلى أن «مجلس كبار المواطنين كان مصدر إلهام لي، إذ تعرّفت إلى تاريخ المنطقة وأصالة تراثها من خلال قصصهم التي تروي تفاصيل لا تمحى عن حياة الأجداد»، ما يعزز لديه مشاعر الانتماء والفخر بتراث حتا وهويتها الإماراتية العريقة.
رحلة جميلة
فيما انطلق ذياب علي عبدالله، وهو طالب في الصف الـ12 أيضاً، في رحلته التطوعية مع بداية مهرجان «شتا حتا»، مسخّراً جهوده لخدمة الزوار وتعريفهم بجمال مدينته، معرباً عن فخره بالإقبال الكبير الذي شهده المهرجان هذا العام، مشيراً إلى أن أكثر ما أثلج صدره هو انطباع الزوار الإيجابي عن منطقة حتا.
وأوضح ذياب أنه أمضى ساعات طويلة في مرافقة الزوار، يشرح لهم عن طبيعة جبال حتا الخلابة وما تحتضنه من مواقع سياحية مميزة، مؤكداً أن هذه المهمة ليست مجرد عمل تطوعي، بل واجب وطني يعكس حبه وانتماءه لمدينته.
واعتبر المشاركة في «شتا حتا» فرصة لتعزيز الوعي بأهمية التراث المحلي والترويج لجماليات المنطقة، خصوصاً مع الزوار القادمين من مختلف الجنسيات الذين أعربوا عن انبهارهم بالطبيعة الساحرة والضيافة الكريمة لأهل حتا.
منصة مثالية
من جانبها، قالت المتطوعة رحمة الكعبي: «لم أفوّت يوماً واحداً منذ انطلاق فعاليات مهرجان شتا حتا، فقد وجدت في ورش الأطفال التي شاركت فيها منصة مثالية للتعلم والنمو الشخصي»، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن طبيعة شخصيتها انطوائية وتميل إلى العزلة، فإن تجربة التطوع علّمتها كيف تكون اجتماعية وأكثر تفاعلاً مع الآخرين.
وأوضحت أن تعاملها اليومي مع الأطفال كان ممتعاً ومفيداً، حيث تطلب الأمر الصبر والتواصل الفعال، ما أسهم في تعزيز ثقتها بنفسها، مضيفة أن نمط حياتها المزدحم بين العمل صباحاً والتطوع مساء أكسبها مهارات متعددة، أبرزها إدارة الوقت بكفاءة وتحقيق التوازن بين مسؤولياتها المختلفة، كما أتاح لها التطوع فرصة للتواصل مع فئات عمرية متنوعة، سواء من الأطفال أو أولياء الأمور، وهو ما اعتبرته تجربة غنية وملأى بالدروس التي سترافقها في مسيرتها المستقبلية. وتابعت أن المشاركة في مهرجان «شتا حتا» لم تكن مجرد نشاط تطوعي، بل كانت وسيلة لتعزيز حسّ الانتماء لمجتمعها، وتقديم صورة مشرقة للشباب الإماراتي.
استثمار للعطلة
فيما اختارت المتطوعة سهيلة سعيد، الطالبة الجامعية، أن تستثمر إجازتها الجامعية في خدمة مجتمعها، من خلال المشاركة الفعالة في ورش عمل الأطفال ضمن «شتا حتا» واعتبرت أن هذه التجربة كانت ثرية على مختلف الصعد.
وأكدت أن التطوع في مثل هذه الفعاليات يفتح أمامها فرصاً كبيرة للتعلم والنمو، إذ كانت التجربة ملأى بالدروس، فقد تعلمت كيفية التعامل مع الأطفال من مختلف الأعمار وتوجيههم أثناء الأنشطة المخصصة لهم، وهو ما يتطلب مهارات تنظيمية عالية وقدرة على جذب انتباههم وتحفيزهم.
وأضافت سهيلة أن ورش العمل الهادفة إلى تنمية مهارات الأطفال وإشراكهم في أنشطة إبداعية كانت تجربة ممتعة، إذ كانت تسعى إلى توفير بيئة تعليمية تفاعلية تعزز تجربة الأطفال في المهرجان، لافتة إلى أن التطوع ساعدها في تحسين قدرتها على التواصل مع الأطفال بطريقة مرنة، توازن بين التوجيه والتسلية، ما أضاف قيمة مميزة للتجربة.
وجه بارز
ومنذ انطلاق مهرجان «شتا حتا»، كانت منى الدهماني أحد الوجوه البارزة في دعم فعالياته، إذ تطوعت لشهر كامل في مهام حيوية أسهمت في تسهيل تجربة الزوار. ومن أبرز مهامها إرشاد الزوار ومساعدة الأطفال التائهين في العودة إلى ذويهم، إضافة إلى توجيه كبار السن إلى الأماكن المخصصة لهم مثل المسجد ودورات المياه.
وقالت منى: «حتا منطقة لا أستطيع وصف جمالها، التطوع هنا كان تجربة استثنائية، لما تقدّمه هذه المنطقة من هدوء وروعة، فهي تمثّل مزيجاً فريداً من الجمال الطبيعي والروح المجتمعية التي تضفي على المهرجان طابعاً مميزاً». وأكدت أنها شعرت بالفخر خلال فترة تطوعها، إذ كانت ترى في كل لحظة فرصة لخدمة الزوار وإبراز جمال منطقتها. ولفتت إلى أنها كانت تستمتع جداً بمساعدة كبار السن في الوصول إلى الأماكن التي يحتاجون إليها، كما أنها استفادت من مجالستهم والاستماع إلى قصصهم التي تضيف بُعداً إنسانياً عميقاً لتجربة التطوع.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
أخبار متعلقة :