الرياض - ياسر الجرجورة في الاثنين 17 مارس 2025 01:26 صباحاً - بعد قرن من الزمن عاشته بين الصخب والبساطة، ثم هجرتها التدريجية من قبل سكانها وملاكها، عادت قرية "سكيرينة"، التي تجاور وادي حنيفة، إلى دائرة الضوء مجددا بفضل مشروع "مترو الرياض".
قطار الرياض يعلن عن ميزة جديدة خاصة فقط بمستخدمي المسار الأزرق
فقد أصبح اسمها يتردد يوميًا في أذن مئات الركاب الذين يستخدمون المحطة التي تحمل اسمها على المسار الأزرق، مما يعيد إلى الأذهان ماضٍ غني بالتاريخ والثقافة والمجتمع النابض بالحياة.
محطة سكيرينة العلوية.. حلقة وصل بين الماضي والحاضر
تقع محطة سكيرينة العلوية (1F9) على المسار الأزرق من مترو الرياض، في منطقة استراتيجية تتوسط أحياء منفوحة وسكيرينة وجبرة وغبيرة، عند تقاطع طريق البطحاء وشارع عمار بن ياسر، وبين محطتي منفوحة (1G1) والعود (1F8).
وتعد هذه المحطة نقطة حيوية تربط عدة أحياء سكنية وتجارية، وتوفر وسيلة نقل حديثة تسهّل التنقل داخل العاصمة المتسعة.
تصميم عصري يعكس التطور العمراني للرياض
تم تصميم المحطة وفق معايير عالمية لتوفير تجربة تنقل مريحة وسريعة، حيث تتكون من عدة مستويات، بداية من المستوى الأرضي الذي يضم مداخل رئيسية على طريق البطحاء، ومخارج للطوارئ من الجهة الشمالية، فيما تقع المنصة العلوية على ارتفاع 15 متر فوق سطح الأرض، مما يوفر إطلالة بانورامية على المنطقة المحيطة.
كما تخدم المحطة ركاب المسار الأزرق المتجه شمال وجنوب، حيث يتم الوصول إليها عبر مستوى الميزانين.
تمتد المحطة على مساحة 4267 م² ضمن أرض مساحتها الإجمالية 5097 م²، وتتألف من أربعة طوابق مجهزة بأحدث التقنيات لتوفير بيئة نقل آمنة ومتطورة.
سكيرينة.. من قرية صغيرة إلى جزء لا يتجزأ من نسيج الرياض الحضري
تعتبر سكيرينة واحدة من القرى التاريخية في وادي حنيفة، والتي كانت جزءًا من النسيج العمراني المحيط بالرياض قبل أن تتوسع المدينة الحديثة وتبتلعها ضمن أحيائها المتنامية.
مع تحول منفوحة إلى حي رسمي ضمن العاصمة، أصبحت سكيرينة متداخلة مع المناطق الحضرية الجديدة، حيث تحدها اليوم عدة شوارع رئيسية مثل شارع منفوحة، وشارع آل فريان، وشارع الأعشى، وشارع الشيخ عبداللطيف آل الشيخ، مما يعكس مدى التحولات العمرانية التي شهدتها المنطقة عبر العقود الماضية.
منفوحة وسكيرينة في كتب التاريخ.. ماضٍ غني بالأحداث والتحولات
وفقًا لما ذكره ياقوت الحموي في "معجم البلدان"، فإن منفوحة - التي كانت ملاصقة لسكيرينة - تأسست قبل الإسلام بعدة قرون على يد قبيلة بني قيس بن ثعلبة من بكر وائل، الذين حصلوا على الأرض من أبناء عمومتهم بني حنيفة.
وشهدت المنطقة العديد من الأحداث التاريخية، من أبرزها الصراع الذي دار في القرن الثامن عشر الميلادي (الثاني عشر الهجري) بين دهام بن دواس، أمير الرياض الطموح، وأبناء عمومته في منفوحة.
هذا الصراع استمر لأكثر من عشرين عامًا، حيث سعت القريتان للحفاظ على استقلالهما قبل أن تخضعا في النهاية للحكم السعودي الناشئ.
سكيرينة في ذاكرة الأجيال.. حنين إلى الماضي وحياة اجتماعية غنية
لم تكن سكيرينة مجرد قرية صغيرة ضمن وادي حنيفة، بل كانت موطن للعلماء والأدباء، وحاضنة للحياة الثقافية والاجتماعية المزدهرة. في ذاكرة الأجداد والآباء،
لا تزال صور الحياة اليومية في سكيرينة محفورة بوضوح، حيث الأسواق النابضة بالحركة، واجتماعات الرجال في الطرقات وهم يرتدون المشالح التقليدية، وشوارعها التي شهدت ولادة أولى المطاعم الشعبية، ومشاهد السيارات الكلاسيكية من طراز "الشفر" التي كانت تجوب أزقتها الضيقة.
كما كانت كرة القدم من الأنشطة المفضلة لدى شبابها، الذين وجدوا في أزقة القرية ملعب مفتوح يجمعهم بشغف الرياضة.
سكيرينة اليوم.. محطة حديثة تستحضر عبق الماضي بروح المستقبل
مع انطلاق مترو الرياض، تعود سكيرينة إلى المشهد ولكن هذه المرة كرمز من رموز التطور الحضري للمدينة.
لم تعد مجرد قرية تاريخية اندثرت مع الزمن، بل أصبحت جزء حيوي من شبكة النقل الحديثة التي تسهل حياة سكان الرياض، مما يعكس كيف يمكن للمشاريع الحضرية أن تعيد الحياة إلى الأماكن المنسية، وتدمجها في النسيج العمراني لمدن المستقبل.
سيف الحموري
كاتب مقالات في موقع كلمتك, حيث أقوم بكتابة المقالات بمجالات مختلفة ومتنوعة. لدي سنوات عديدة من الخبرة في مجال الإعلام والصحافة والتسويق وأحمل شهادة البكالوريوس في التسويق كما قد قمت بتطوير مواهبي في الصحافة بعد أن بدأت العمل في هذا المجال.
0 تعليق