المسرح كان دائمًا المدرسة الحقيقية لصقل المواهب، حيث يمنح الممثل فرصة لاستكشاف أبعاد شخصياته، والتعامل مع الأداء اللحظي المباشر أمام الجمهور، ومن هنا، تأتي قدرة حاتم صلاح على التلون بين الأدوار المختلفة، مقدّمًا في كل مرة أداءً جديدًا ومختلفًا، يتجاوز مجرد الاعتماد على الكوميديا السهلة، ليقدم شخصيات أكثر تعقيدًا وعمقًا.

في مسلسل إخواتي، يقدّم حاتم صلاح شخصية "فرحات التربي"، وهو دور مختلف تمامًا عن الشخصيات التي اشتهر بها سابقًا. فرحات شخصية تجمع بين الفهلَوة والسخرية والبؤس، لكنه يحمل حبًا حقيقيًا لزوجته، رغم فشله في تقديم حياة أفضل لها. إنه نقيض البطولة على طول الخط، حيث لا يمتلك طموحات كبيرة، ولا يسعى إلى تغيير مصيره، بل يتعامل مع واقعه بسخرية واستسلام وبعض من الفهلوة أيضًا، ورغم طبيعته العشوائية، فإن الشخصية مكتوبة بحس إنساني عالٍ، ما يجعل المشاهد يتعاطف معه بدلًا من أن يستهزئ به.

رغم أن "إخواتي" يتناول قضايا اجتماعية صعبة، مثل الفقر، الإحباط، وضغوط الحياة الزوجية، إلا أن حاتم صلاح استطاع أن يكون متنفسًا كوميديًا وسط هذه الأجواء الثقيلة. بشخصية فرحات التربي، خلق لحظات من الضحك التلقائي غير المفتعل، مما ساعد على تخفيف وطأة الأحداث الجادة، وجعل المسلسل أكثر قابلية للاستيعاب والتفاعل العاطفي، خاصة في طريقة تعامله مع حلم الإنجاب والتبني، حيث يظل متمسكًا بحلمه رغم العقبات، في لحظات تمتزج فيها الكوميديا بالدراما بطريقة سلسة.

المميز في أداء حاتم صلاح أنه لا يقدم الكوميديا كأداة منفصلة عن الدراما، بل يدمجها داخل المشهد بطريقة عضوية وطبيعية. فبدلًا من أن تكون نكاته مجرد قفشات للإضحاك، تأتي من مواقف تلقائية وصادقة، تعكس طريقة تفكير الشخصية بصدق.

ما يميز حاتم صلاح في هذا الدور هو قدرته على تحويل شخصية بسيطة إلى حالة درامية متكاملة. فبدلًا من تقديم أداء أحادي البُعد، استطاع أن يُظهر تناقضات الشخصية بين الطموح واليأس، بين الحب والعجز، وبين الضحك والألم. وهذا ما يجعله يستحق أدوارًا أكثر تعقيدًا وإبداعًا في المستقبل، حيث يمكنه أن يقدّم شخصيات خارج القالب الكوميدي التقليدي، تمامًا كما فعل في "إخواتي"، حيث أثبت أنه ليس مجرد ممثل كوميدي، بل فنان قادر على التحرك بمرونة بين الأداء الجاد والساخر.

شاهد المزيد من أخبار مسلسلات رمضان عبر بوابة دراما رمضان 2025