كتب المهندس زيد شقمان - لست كاتبًا مخضرمًا، لكنني أغار من رؤية الدول الأخرى وهي تتقدم بخطوات ثابتة نحو الأفضل، بينما نجد أنفسنا عالقين في نفس المشكلات المتكررة، نردد عبارة "عنق الزجاجة" وكأنها قدر محتوم لا يمكن تجاوزه. فهل هذا الشعار يعكس واقعنا، أم أننا نحن من نتمسك به كذريعة لعدم التغيير؟
خذوا مثلًا القيادة في شوارع العاصمة عمّان، حيث يُفترض أن تكون القيادة فنًا وذوقًا وأخلاقًا، ولكن الواقع يعكس صورة مختلفة تمامًا. مشاهد الفوضى المرورية، والتجاوزات، وغياب الالتزام بقواعد السير، باتت مشهدًا يوميًا. بعض السائقين يتعاملون مع الطرق وكأنها ممتلكات خاصة، فلا احترام للمشاة، ولا التزام بالإشارات، ولا مراعاة لحقوق الآخرين.
أزمة وعي أم غياب للقانون؟
في دول كثيرة حول العالم، تعكس القيادة سلوكًا مجتمعيًا متحضرًا، ولكن في الأردن، ورغم الجهود المبذولة من الجهات المعنية، نجد أن بعض السائقين يستهينون بالقوانين. الوقوف العشوائي، استخدام الهاتف أثناء القيادة، تجاوز الإشارات الحمراء، والسرعة الزائدة، كلها سلوكيات متكررة وكأنها أصبحت أمرًا عاديًا. فهل المشكلة في الأفراد فقط، أم أن البنية التحتية والرقابة المرورية تلعب دورًا أيضًا؟
لا يمكن إنكار أن بعض المشكلات المرورية سببها ضعف التخطيط، وازدحام الشوارع، وقلة وسائل النقل العام الفعالة، ولكن هذا لا يبرر الفوضى. الالتزام بالقانون يجب أن يكون أولوية، سواء كان الطريق مزدحمًا أو فارغًا، فالأمر في النهاية يعكس ثقافة المجتمع.
هل يمكن الخروج من عنق الزجاجة؟
التغيير ممكن، لكنه يحتاج إلى وعي مجتمعي حقيقي، وتطبيق صارم للقانون، واستمرار التوعية المرورية. المطلوب ليس مجرد فرض غرامات على المخالفين، بل تعزيز ثقافة الاحترام على الطريق، وتطوير حلول عملية مثل تحسين وسائل النقل العام لتخفيف الضغط على الشوارع، وتكثيف الرقابة على المخالفات.
إذا أردنا أن يكون شعار "القيادة فن وذوق وأخلاق" حقيقة وليس مجرد عبارة تزين لوحات التوعية، فعلينا أن نبدأ من أنفسنا. فالتغيير لا يأتي فجأة، لكنه يبدأ من اللحظة التي ندرك فيها أن احترام القانون واحترام الآخرين هو الأساس لبناء مجتمع متحضر وطرق أكثر أمانًا. فهل نحن مستعدون لاتخاذ هذه الخطوة؟
.
0 تعليق