كشف وزير الخارجية بدر عبد العاطي تفاصيل الخطة المصرية العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، مؤكداً أنها “متكاملة” وتستند إلى رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى معالجة التحديات الأمنية والإنسانية والحوكمانية في القطاع.
وأوضح الوزير في مقابلة مع قناة “الشرق” أن الخطة المصرية العربية لإعادة إعمار القطاع تركز على معالجة ملف إعادة الإعمار بشكل متكامل، بدءاً من مرحلة التعافي المبكر التي تهدف إلى توفير مأوى مؤقت لسكان غزة الذين تعرضوا للتشرد نتيجة الأعمال العدائية، وصولاً إلى مرحلة إعادة الإعمار الدائم.
وأكد الوزير أن الخطة الفنية جاءت لتجيب على كافة التساؤلات المتعلقة بعملية الإعمار، حيث تضمنت جداول زمنية محددة ومراحل تنفيذ متتابعة، فضلاً عن تفاصيل ترتيبات الأمن والحوكمة التي تعد من الأسس الجوهرية لتنفيذ الخطة بنجاح على أرض الواقع.
تغير الموقف الأمريكي من إعمار غزة
أشار الوزير إلى التطورات التي طرأت مؤخراً على الموقف الأمريكي تجاه قضية غزة، معتبراً تصريحات الرئيس دونالد ترامب بأن “لا أحد يريد طرد سكان القطاع من أراضيهم” خطوة إيجابية ومحورية.
وأوضح أن هذا التصريح يتماشى مع المطالب العربية والإسلامية التي طالبت بمعالجة الأزمة الإنسانية دون اللجوء إلى نقل السكان من أراضيهم.
وأكد الوزير أن لقاء اللجنة السداسية العربية مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف في الدوحة كان بنّاءً وأدى إلى إصدار بيان مشترك يؤكد أن الخطة العربية الإسلامية لإعادة إعمار غزة ستكون الأساس المتبع لإعادة الإعمار، مما يعكس تنسيقاً وثيقاً بين الجانبين العربي والأمريكي.
آليات إدارة القطاع والحوكمة الانتقالية
في إطار الحديث عن إدارة قطاع غزة مستقبلاً، كشف عبد العاطي عن تفاصيل إنشاء لجنة تكنوقراط فلسطينية تتألف من 15 شخصية مستقلة لا تنتمي إلى أي فصيل سياسي، وستتولى إدارة شؤون القطاع لفترة انتقالية لا تتجاوز الستة أشهر.
وأكد الوزير أن هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز الترابط بين الضفة الغربية والقطاع، حيث سيتم خلال هذه الفترة نقل مهام الإدارة والحكم إلى السلطة الوطنية الفلسطينية عبر الإدارات الحكومية القائمة داخل القطاع.
وأشار إلى ضرورة إعادة تدريب قوات الشرطة الفلسطينية الموجودة في غزة لتأدية مهام حفظ الأمن والاستقرار بعد انتهاء مرحلة التعافي المبكر.
المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة والتمويل
أوضح الوزير عبد العاطي أن القاهرة ستستضيف مؤتمرًا دوليًا لإعادة إعمار غزة في نهاية أبريل، بمشاركة الأمم المتحدة والبنك الدولي بالإضافة إلى دول مانحة من أوروبا والشرق الأوسط وآسيا.
وأشار إلى أن تكلفة المشروع التمهيدي لإعادة إعمار القطاع تقدر بحوالي 53 مليار دولار على مدى خمس سنوات، وأن هناك ورقة مفاهيمية جارية التطوير بالتنسيق مع الجهات الدولية المختصة.
كما أضاف أن الخطة تشمل إنشاء صندوق ائتماني دولي لإيداع التعهدات المالية من الدول المانحة، وسيتولى هذا الصندوق مجلس أمناء لإدارة التمويل والإنفاق على المشروع، مما يعكس حرص مصر على أن تكون الجهود مبنية على أسس شفافة وتعاونية بين كافة الأطراف المعنية.
العلاقات الأمريكية ومساندة الاستثمارات
تناول عبد العاطي في الحوار العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، مشدداً على أن هذه العلاقات قائمة على أسس قوية وتعاون متبادل على كافة الأصعدة.
وأوضح الوزير أن الدعم الأمريكي لمصر يتركز بشكل رئيسي على المساعدات العسكرية التي تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة.
كما أكد أن مصر تبذل جهوداً كبيرة لتحسين بيئتها الاقتصادية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، خاصة الأمريكية منها، عبر تنظيم منتدى اقتصادي رفيع المستوى يهدف إلى عرض فرص الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية.
الأزمة الفلسطينية والتهديدات الإقليمية
أعرب الوزير عن قلقه الشديد من التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، مؤكدًا رفضه المطلق لأي سياسات تهدف إلى تغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي للأراضي المحتلة.
وأشار إلى أن البيان الختامي للقمة العربية الطارئة تضمن فقرة تؤكد على رفض الضم أو المصادرة أو أي نشاط استيطاني يهدد الشرعية الفلسطينية.
كما أكد أن التنسيق مستمر مع السلطة الفلسطينية والدول العربية والإقليمية لضمان استقرار الوضع في الأراضي المحتلة وخلق بيئة مواتية لإجراء الانتخابات وتفعيل الإصلاحات السياسية.
الملف السوري والعلاقات مع إيران والسودان
انتقل الوزير بعد ذلك إلى الحديث عن الشأن السوري، حيث أكد على دعم مصر الكامل للشعب السوري ورغبتها في تحقيق عملية سياسية شاملة تضمن مشاركة جميع الأطراف دون استثناء.
وأشار إلى أن مصر تقدم النصح للجهات السورية من منطلق التجربة التاريخية والعلاقات القوية بين البلدين. كما تطرق إلى الملف الإيراني، معرباً عن تقديره للحضارة الإيرانية وحريصاً على استعادة العلاقات الكاملة بين البلدين، مشدداً على ضرورة خفض حدة التصعيد في المنطقة عبر الحفاظ على علاقات حسن الجوار.
فيما يخص الملف السوداني، شدد الوزير على أن مسألة تقسيم السودان تُعتبر “خطاً أحمر” لا يمكن تجاوزه، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على وحدة الدولة الوطنية ومؤسساتها، مع التأكيد على أهمية عملية سياسية شاملة تجمع كافة الأطياف السودانية لتحقيق الاستقرار والأمن.
اقرأ أيضا
إطلاق رهينة و4 جثث.. حماس ترد على المقترح الأمريكي الجديد حول غزة
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
0 تعليق