أصبحت سيارات تسلا، التي كانت رمزًا للتقدم البيئي، هدفًا لغضب اليسار، مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات ضد انتماءات إيلون ماسك السياسية، وما بدأ كمظاهرات سلمية ضد انخراط ماسك في الحياة العامة الأمريكية، تصاعد مع حوادث تخريب وإلقاء قنابل حارقة، بل وحتى إطلاق نار، مما أضاف بُعدًا جديدًا للمعارضة المتنامية.
تصعيد عنيف للحركة المناهضة لتسلا
بدأ الفصل الأخير من هذه الملحمة المتنامية عندما أُصيبت صالة عرض تسلا في بورتلاند، أوريغون، بسبع رصاصات، مما أدى إلى تحطيم نوافذ عدة سيارات بداخلها.
يُعد حادث إطلاق النار هذا جزءًا من سلسلة أوسع من الهجمات على ممتلكات تسلا، والتي تقول السلطات إنها ذات دوافع سياسية، ما بدأ باحتجاجات في أوائل فبراير، تطوّر الآن إلى اتجاه عنف مُقلق، مع استهداف محطات شحن كهربائية بقنابل حارقة وإحراق شاحنات تسلا سايبرترك في سياتل.
على الرغم من طابعها السلمي في البداية، تكتسب الحركة المناهضة لشركة تسلا زخمًا متزايدًا، أشارت كارولان فراي، إحدى منظمي إحدى أولى الاحتجاجات في بورتلاند، إلى تزايد إحباط الناس من تخفيضات ماسك في البرامج الاجتماعية، والتي أثرت على قطاعات واسعة من الشعب الأمريكي.
أعربت فراي عن قلقها من احتمال انقسام الاحتجاجات السلمية، حيث دعا بعض أعضاء مجموعتها إلى اتخاذ إجراءات أكثر تطرفًا، على الرغم من معارضتها الشخصية لهذه الأساليب.
وأكدت فراي قائلةً: “نحن جماعة سلمية”، لكنها أضافت أن الاضطرابات المتزايدة قد تدفع البعض إلى المضي قدمًا.
اقرأ أيضا.. اشتعال النيران بطائرة أمريكية بدنفر بعد هبوط اضطراري
تزايد الاستياء من إيلون ماسك
يرتبط الاستياء من ماسك ارتباطًا وثيقًا بانخراطه السياسي المثير للجدل، فبالإضافة إلى عمله مع تسلا، أدت تصرفات ماسك الأخيرة – مثل تأييده لشخصيات مثيرة للاستقطاب السياسي – إلى نفور العديد من مؤيديه اليساريين.
مع كفاح الحزب الديمقراطي لمواجهة سياسات الرئيس ترامب بفعالية، أصبح ماسك هدفًا سهلًا لغضب اليسار. مشاريعه التجارية، التي كانت تُعتبر صديقة للبيئة في السابق، طغت عليها الآن تأييداته السياسية وتصريحاته.
ترجم هذا الغضب المتزايد إلى سلسلة من الاحتجاجات المخطط لها في أكثر من 100 موقع لشركة تسلا في جميع أنحاء أمريكا الشمالية، ففي مدن مثل سانت بطرسبرج بولاية فلوريدا، وفانكوفر بكندا، يدعو المتظاهرون إلى مقاطعة الشركة، بينما يسارع بعض مالكي سيارات تسلا إلى بيع سياراتهم.
انخفضت أسهم تسلا بشكل حاد، وانخفضت مبيعات سيارات تسلا الجديدة بشكل ملحوظ، كما انخفضت قيمة السيارات المستعملة بسرعة.
في أرلينغتون بولاية فرجينيا، أدان مايكل شيا، وهو متظاهر أمام مركز خدمة تابع لشركة تسلا، أعمال العنف، لكنه أقر بالصورة المؤثرة للاحتجاجات.
رفع شيا نموذجًا من الورق المقوى لسيارة تسلا مطلية بالنيران، معربًا عن استيائه الشخصي من تصرفات ماسك، وقال: “أتمنى حقًا أن أرى سهم تسلا التابع لإيلون ماسك ينخفض قليلًا كل يوم، إلى الصفر في أحسن الأحوال”.
الصلة المزعومة بالمانحين الليبراليين
زعم ماسك، الذي لطالما تعرض لانتقادات من الأوساط اليسارية، أن الحركة المناهضة لشركة تسلا ممولة من مؤيدين بارزين لقضايا ليبرالية، رغم أنه لم يقدم أي دليل يدعم ذلك.
اتهم خمس منظمات بتدبير الاحتجاجات، بما في ذلك منصة “أكت بلو”، وهي أداة لجمع التبرعات للقضايا الليبرالية، و”مثيري الشغب”، إحدى المجموعات المشاركة في الاحتجاجات، أثارت مزاعم ماسك ردود فعل غاضبة، حيث نفى أفراد من هذه المجموعات أي صلة لهم بتمويل واسع النطاق أو عنف منسق.
مع ذلك، ربطت بعض الشخصيات السياسية هذه الاحتجاجات بالإرهاب المحلي، حيث دعت النائبة مارجوري تايلور غرين إلى إجراء تحقيقات في احتمال وجود صلات مع جماعات متطرفة مثل “أنتيفا”.
بينما رفض خبراء مثل بروس هوفمان من مجلس العلاقات الخارجية هذه الفكرة، مؤكدين أن تورط “أنتيفا” لا يزال دون أدلة، أصبح وصف “الإرهاب المحلي” محل خلاف.
صورة تسلا وسوقها المتغير
بعد أن كانت تُعتبر السيارة المفضلة لليبراليين المهتمين بالبيئة، شهدت صورة تيسلا تحولاً جذرياً. فمع تفاقم الانقسامات السياسية، لم يعد امتلاك سيارة تسلا دليلاً على الالتزام البيئي، بل مسؤولية محتملة.
يعكس سوق السيارات المستعملة هذا التحول، حيث انخفض سعر سيارة تسلا موديل 3 موديل 2020 إلى 12,000 دولار أمريكي، في تناقض صارخ مع قيمتها السوقية الأصلية.
حتى في أوروبا، يتضاءل حضور تسلا القوي سابقاً. ففي ألمانيا، انخفضت مبيعات سيارات تسلا الجديدة بنسبة 76%، ويعود ذلك جزئياً إلى مواقف ماسك السياسية المثيرة للجدل، بما في ذلك دعمه لحزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) المناهض للهجرة.
دفع هذا التحول في النظرة بعض مالكي تسلا إلى تغطية شعارات سياراتهم أو وضع ملصقات تعبر عن ندمهم على شرائها، مما يشير إلى انفصال أوسع بين علامة تسلا التجارية وداعميها الأصليين.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
0 تعليق